محمد جوابره: سكرتير جبهة العمل النقابي
ورئيس النقابة العامة للعاملين في قطاع الخدمات والاعمال الحرة /فلسطين
نشأت الطبقة العاملة الفلسطينية وتطورت في سياق صراع تاريخي مفتوح بين الشعب الفلسطيني والمشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري , وانعكست مفاعيل هذا الصراع على بنية وحياة العمال الفلسطينيين كما كانت على الشعب الفلسطيني بمجمله مع فوارق حجم وكثافة الاضطهاد الذي عاناه وما زال بعيش تحت وطأته مئات آلاف العمال الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم .
وكما كانت أدوات الحركة الصهيونية (الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي ) فاعلة في استهداف الأرض والإنسان الفلسطيني لاقتلاعه من أرضه وشطبه من التاريخ والجغرافيا .. تولت الهستدروت (( النقابة العامة للمال العبريين في ارض إسرائيل ))التي تأسست عام 1920 دورا متقدما في استهداف الحركة العمالية الفلسطينية وحركتها النقابية ... فحاولت في البداية فرض نفسها كممثل لعموم العمال على ارض فلسطين بما ينسجم مع عقيدة الحركة الصهيونية التي أنكرت وجود الشعب الفلسطيني وبسبب فشلها في ذلك عملت على احتواء العمل النقابي الفلسطيني في إطار الهستدروت في محاولة منها لمنع بناء تنظيم نقابي فلسطيني يعبر عن الهوية الوطنية والنقابية للعمال الفلسطينيين .
ومن ابرز تجليات هذا الصراع هو السياسة التي اعتمدتها الهستدروت باحتلال العمل وحرمان العمال الفلسطينيين من العمل في المشاريع التي أنشأها الانتداب البريطاني وبشكل خاص سكك الحديد والمؤسسات الإدارية أو الاستيلاء على المراكز والهامة الحساسة في مواقع العمال المتاحة . واستمر هذا الصراع حتى نكبة عام 1948التي أدت إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتحويل أكثر من نصفه إلى لاجئين وكذلك كان حال العمال الفلسطينيين.
واستمر المشروع الصهيوني في استكمال مشروعه باحتلال باقي ارض فلسطين وأجزاء من دول عربية (مصر , سوريا ,الأردن , لبنان ) لتسيطر بذلك على مقدرات وإمكانيات التطور الطبيعي للشعب الفلسطيني وطبقته العاملة الفلسطينية التي تحولت إلى قوة مشتته تخضع لاعتبارات الواقع المعاش أينما تواجدت في فلسطين المحتلة عام 1948 وفي مخيمات اللجوء والشتات والمنافي أو في الأرض الفلسطينية المحتلة1967 التي استحوذت على اهتمامات اكبر بحكم توفر إمكانيات البحث والتوثيق لوجودها في ساحة الصراع المباشر مع المحتل وتوفر إمكانيات تلمس مظاهر الاضطهاد القومي والطبقي الذي تعيشه عموم الطبقة العاملة الفلسطينية ... ولكن ذلك يجب أن لا يغيب عن رؤيتنا للصورة الشاملة لمعاناة عموم الشعب الفلسطيني وطبقته العاملة التي توزعت وتشتت بفعل المشروع الصهيوني . في ال48 وال67 ومخيمات اللجوء والشتات والمنافي .
إن الممارسات التي تعبر في مجلها عن الطبيعة الاحتلالية الاستيطانية العنصرية للمشروع الصهيوني متعددة الأشكال والمظاهر والتي تسعى بمجملها إلى إعاقة أي إمكانية للنهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني الهادف إلى بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم التي شردوا منها .. وكان من أكثر مظاهرها ظلما واضطهادا ما يمارس بحق عمالنا الفلسطينيين وفي كافة أماكن تواجدهم والتي سنتعرض إلى جملة منها :-
أولا :- إن كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني والطبقة العاملة الفلسطينية من اضطهاد قومي وطبقي بعود بالأصل إلى وجود المشروع الصهيوني واستهدافه للشعب الفلسطيني وحرمانه من العيش بحرية وكرامه وبشكل طبيعي يوفر إمكانيات التطور الطبيعي كباقي شعوب الأرض.
ثانيا :- إن الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء سياسة التهجير التي مارستها العصابات الصهيونية أدت إلى وجود مخيمات فلسطينية في العديد من الدول والتي فرضت فيها قيود على تشغيل العمال الفلسطينيين واستغلالهم .
ثالثا :- اجبر العمال الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948 على العمل في ظروف وحقوق أدنى من العمال اليهود من حيث طبيعة العمل والأجور وحرموا من بناء منظمات نقابية تمثلهم عبر إلزامهم بعضوية الهستدروت .
رابعا :- السعي الدؤوب والمتواصل لمنع العمال الفلسطينيين من بناء تنظيماتهم النقابية عبر أداة فعله الهستدروت والتي عبر عنها " ديفيد بن غوريون " الذي شغل منصب رئيس الهستدروت واقترح إقامة تنظيم نقابي عربي يخضع لسيطرة الهستدروت .
ولكن الإرادة الفلسطينية انتصرت لنفسها بإنشاء أول منظمة نقابية فلسطينية عام 1925 "جمعية العمال العرب الفلسطينية"
خامسا :- ممارسة العنف والقتل ضد العمال والقادة النقابيين الفلسطينيين
· اغتيل القائد النقابي سامي طه رئيس جمعية العمال العرب الفلسطينية بتاريخ12/9/1947
· ارتكاب مجزرة كفر قاسم في 29 أكتوبر عام 1956 قام حرس الحدود الإسرائيلي بقتل 48 مدنياً عربياً بينهم نساء و23 طفلاً يتراوح عمرهم بين 8 - 17 سنةً. التي ضمت عمالا كانوا عائدين إلى بيوتهم بعد الانتهاء من عملهم
· مجزرة عيون قارة 20-5-1990
تعود الأحداث حين وصل إلى موقف العمال بمنطقة "ريشون لتسيون" قرب تل
الربيع المحتلة مفترق الورود حوالي عشرون عاملاً فلسطينياً وجميعهم من مدينة
خانيونس جنوب قطاع غزة في انتظار وصول أصحاب العمل الصهاينة لنقلهم إلى
أماكن عملهم وحينما اقترب من العمال أحد الجنود الصهاينة وهو(عامي بوبر
إرهابي متطرف وكان يرتدي الزى العسكري ويحمل بندقية من طراز أم 16)
طلب منهم البطاقات الشخصية وحينما تأكد أنهم عرب قام بإطلاق النيران تجاههم
بدون تمييز وعلى الفور قتل سبعة منهم وأصيب عشرة بجراح مختلفة ثم هرب.
سادسا :- بعد عام 1967 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزه فتحت سوق العمل الإسرائيلية أبوابها حسب احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي للعمال الفلسطينيين في ظل سلسلة من الإجراءات التي أعاقت نمو الاقتصاد الفلسطيني وأضعفت قدرته على استيعاب القوى العاملة الفلسطينية التي تعرضت لاضطهاد طبقي وقومي عبر تشغيلها حسب استعداد السوق الإسرائيلية لاستيعابها في البناء والزراعة على وجه الخصوص بناءا على اتفاق بين الحكم العسكري والهستدروت يسمح بجباية أموال من أجور العمال وخاصة جباية 1/% من راتب كل عامل لصالح الهستدروت دون الحصول ل أي خدمات مقابلها .
سابعا :- "سرقة أكثر من " ملياري دولار من العمال الفلسطينيين على شكل اقتطاعات شهرية من رواتبهم منذ العام 1970، تصل إلى دفع 8% من التعويضات المستحقة للعمال الفلسطينيين والتي تتضمن رعاية صحية وتأمينًا ورعاية القاصرين لكل عامل، وجرى تحويل مجمل المبالغ سرا إلى وزارة المالية الإسرائيلية، التي حولتها لصالح مشروعات بناء وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
ثامنا :- إضافة إلى ذلك استمرت الممارسات التي استهدفت الحركة النقابية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1967 وحتى إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993 عبر منع إنشاء نقابات جديدة :ولكنها أنشأة رغما عن الاحتلال " وحملات المداهمات المستمرة للنقابات والاعتقالات المتواصلة للنقابيين الفلسطينيون .
***
بعد إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993 نشأ وضع جديد ادخل الشعب الفلسطيني بمجله بواقع جديد كان له تداعياته على العمال الفلسطينيين .....
أولا :- بناءا على اتفاق اوسلو واتفاق باريس الاقتصادي فقد تولت السلطة الفلسطينية إدارة الشؤون المدنية للأغلبية الساحقة من المواطنين الفلسطينيين القاطنين في الضفة وغزه دون مواكبة ذلك بالسيطرة على الموارد والمقدرات الاقتصادية التي تمكن من بناء اقتصاد فلسطيني مستقل قادر على استيعاب الأيدي العاملة الفلسطينية وتلبية احتياجات التطور الطبيعي للشعب الفلسطيني بحكم بقاء سيطرة الاحتلال على الموارد . والاعتماد على المساعدات الخارجية المشروطة باليات التفاوض بين القيادة الفلسطينية والإسرائيليين .
ثانيا :- استمرار ممارسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بالاستيطان الذي يمثل "جوهر الصهيونية" على حد تعبير "اسحاق شامير " وجدار الفصل العنصري والسيطرة على المعابر والاعتقالات والقتل اليومي والحواجز والحصار ... والتحكم بأموال الضرائب الفلسطينية فاقم الأزمات الاقتصادية وبشكل خاص ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 23.7% من بين المشاركين في القوى العاملة , حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل حسب تعريف منظمة العمل الدولية حوالي 275 ألف شخص في فلسطين خلال الربع الثالث 2013، منهم حوالي 145 ألف في الضفة الغربية وحوالي 130 الآف في قطاع غزة.
وقد قدر معدل الفقر بين السكان وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية 25.8% خلال عام 2011 (بواقع 17.8% في الضفة الغربية و38.8% في قطاع غزة).
كما تبين أن حوالي 12.9% من الأفراد في فلسطين يعانون من الفقر المدقع (بواقع 7.8% في الضفة الغربية و21.1% في قطاع غزة). مع العلم أن خط الفقر للاسرة المرجعية قد بلغ 2,293 شيكل اسرائيلي وخط الفقر المدقع قد بلغ 1,832 شيكل.
وبلغ عدد المشاركين في القوى العاملة حوالي 1.161 مليون شخص خلال الربع الثالث 2013، منهم حوالي 761 ألف شخص في الضفة الغربية وحوالي 400 ألف شخص في قطاع غزة. وبلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة بين الأفراد 15 سنة فأكثر: 43.6%
ثالثا :- بلغ عدد العاملين من الضفة الغربية في اسرائيل والمستوطنات من 96 ألف عامل في الربع الثاني من عام 2013 إلى 103 ألف عامل في الربع الثالث 2013.
هذا وقد توزع عدد العاملين في اسرائيل والمستوطنات حسب حيازتهم للتصريح في الربع الثالث 2013 بواقع 51,100 عامل لديهم تصاريح عمل و34,600 عامل بدون تصاريح عمل و17,600 عامل يحملون وثيقة اسرائيلية أو جواز سفر أجنبي.
رابعا :- ابرز مظاهر الاضطهاد الطبقي والقومي التي يتعرض لها عمالنا الفلسطينيين
1- الحصول على تصريح عمل داخل إسرائيل يتطلب موافقة أمنية إسرائيلية وهذا يجعل العمال عرضة للابتزاز من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية
2- يجبر آلاف العمال الفلسطينيين على قضاء ساعات طويلة للمرور من المعابر تصل إلى أربع ساعات يوميا في ظل إجراءات امني مشددة لا تليق بالبشر وقد أدت إلى إصابات وحالات وفاة لدى الكثير من العمال بسبب التدافع.
3- أعلن في إسرائيل أن سلطات الاحتلال تدرس بجدية إمكانية تخصيص حافلات نقل للعمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل بذريعة "الخطر الأمني". وكشف الموقع الالكتروني لصحيفة هآرتس العبرية أن "وزارة المواصلات الإسرائيلية تفحص إمكانية تشغيل خط للحافلات من الحواجز العسكرية إلى مواقع العمل الرئيسة داخل اسرائيل مخصص لنقل الفلسطينيين بشكل منعزل عن الاسرائيليين".
4- الاف العمال الفلسطينيين يلجؤون الى العمل بطرق غير قانونية " حسب التعبير الاسرائيلي " بالتهريب وهؤلاء يتعرضون لأبشع صور الانتهاكات بالمطاردة الدائمة والاعتقال والقتل كما انهم دائما عرضة للنصب والاحتيال من قبل مشغليهم من سرقة أجورهم وحرمانهم من كافة الحقوق القانونية .
5- وقع وزير القضاء الإسرائيلي، يعقوف نئمان في شهر 8/2012 على أنظمة قانونية جديدة تحول دون السماح للبدء بإجراءات قضائية إلا إذا كان المعني بهذه الإجراءات مواطنا إسرائيليا أو من يحمل جواز سفر أجنبيا مما يعني منع الفلسطينيين والعمال الأجانب من التوجه للقضاء الإسرائيلي. ومن المقرر أن تصبح التعديلات الجديدة سارية المفعول في مطلع شهر أيلول/سبتمبر القادم. وقالت "هآرتس" إنه بموجب التعديلات والأنظمة الجديدة التي وقعها نئمان، فإن كل فلسطيني ينوي تقديم ورفع دعوى للمطالبة بالتعويض ضد دولة إسرائيل في حال أصيب من قبل الجيش الإسرائيلي، لن يتمكن من ذلك إذا لم يكن يملك جواز سفر أجنبيا. وتمنع هذه التعديلات أيضا مهاجري العمل الذين لا يحملون جواز سفر من رفع دعاوى قضائية ضد مشغليهم في محاكم العمل في حال إصابتهم جراء حادث طرق، أو أن يتوجهوا لإجراءات قضائية لتفادي الطرد من البلاد، عبر التوجه للمحكمة للحصول على مكانة في المحاكم الإدارية ضد وزارة الداخلية أو حتى من أجل الاستئناف ضد قرار بالطرد.
6- تشير التقديرات الاسرائيلية الى أن اكثر من 25 ألف عامل فلسطيني يعملون في المستوطنات، جزء منهم لا يملك تصريح يخوله من العمل داخل الكيان، والعمل داخل المستوطنات هو الخيار الوحيد بالنسبة لهم.
ويحصل العامل الفلسطيني لقاء ساعة عمل ما بين ثمانية شيكل، الى تسعة شيكل، وبقية المبلغ يدخل الى جيب المقاول الفلسطيني الوسيط بين العامل والمشغل الصهيوني الذي يربح ، لأنه لا يدفع الحد الادني من الراتب.
علمأ أن المحكمة العليا الصهيونية قررت عام 2007 أنه يتوجب على المشغل الصهيوني دفع راتب للعامل الفلسطيني في الضفة الغربية طبقا لسلم الأجور داخل الكيان حيث يصل الحد الادنى للأجور إلى 23 شكيل مقابل كل ساعة عمل، بالإضافة على شروط اجتماعية مثل الايجازات ورسوم علاج.
خامسا :- دور السلطة الفلسطينية
1- ارتباطا بما تقدم من معطيات فان قطاعات اجتماعية واسعة تمثل أكثر من نصف المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة تعاني الفقر والبطالة وقد رافق ذلك واقع اقتصادي يعاني من :-
1- اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك
2- تسارع النمو في القطاع الحكومي
3- تراجع مستوى المعيشة
4- ضعف تطبيق التشريعات والقوانين
5- الضعف في قدرة الاقتصاد الفلسطيني على خلق فرص عمل جديدة
6- استمرار هيمنة المحتل على مجمل مناحي الحياة
7- العون الخارجي والتمويل المشروط
8- بطء النمو في العلاقات الاقتصادية العربية
9- تسارع عملية الاستقطاب الطبقي واتساع الفجوة بين الطبقات
2- وقد أسهم ذلك في إنتاج اقتصاد فلسطيني :-
1- غير حر وتابع وغير مستقل
2- اقتصاد غير متكافئ – بين الضفة وغزة
3- اقتصاد غير منتج يتسم بطابع استهلاكي وخدماتي
ورافق ذلك جملة الإجراءات الاقتصادية التي تضاعف من الأعباء على كاهل المواطن والشرائح الاجتماعية الفقيرة على وجه الخصوص
1- توجيه الدعم للقطاع الخاص دون ربط ذلك بدعم العمل وحماية العامل
2- التوجه نحو خصخصة الخدمات الأساسية ( عدادات الدفع المسبق للكهرباء وتحويلها الى شركات )
3- تراجع الخدمات المقدمة في التعليم والصحة وإجبار المواطن على الحصول عليها من القطاع الخاص
4- الاعتماد على العمل الاغاثي كبديل عن سياسات اجتماعية ممنهجة لمعالجة الفقر والبطالة
5- توسيع السياسات الضريبية ( مشروع قانون ضريبة الدخل – فرض ضريبة على مكافأة نهاية الخدمة )
6- كل ذلك يرافقه عدم وجود آليات عملية وتنفيذية لإصدار وتطبيق الأنظمة والقوانين التي من شأنها ان توفر الحماية للعمال من خلال
1- وضع حد أدنى للأجور (1450شيكل )
2- جدول غلاء المعيشة
3- الرقابة والتفتيش على تطبيق قوانين العمل في مواقع العمل
4- قانون الضمان الاجتماعي
5- قانون التأمين الصحي
سادسا :- دور الحركة النقابية الفلسطينية
أفرزت التجربة الفلسطينية بطول سنوات الصراع مع المحتل حركة عمالية نقابية ارتبطت بمعطيات هذا الصراع وكانت ولا زالت انعكاسا لمجمل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للواقع الفلسطيني وتأثرت بموازين القوى الداخلية على صعيد قيادتها الرسمية التي عكست في غالب الأحيان سيطرة وهيمنة القوى الرسمية المهيمنة على القرار السياسي الفلسطيني وفرضت آليات عمل تنسجم وتوجهات هذه القوى على كافة المستويات البرنامجية والتنظيمية والعمالية .
ومنذ قيام السلطة الفلسطينية عام1994 وما رافقها من تغيرات بنيوية على التركيبة الاجتماعية من ناحية والبنية السياسية من ناحية ثانية وأنماط التفكير السياسي من ناحية ثانية كان له بالغ الأثر على مكونات الحركة النقابية العمالية والتي كان من ابرز تجلياتها :-
1- الصراع بين القيادة الرسمية للاتحادات العمالية ( الداخل والخارج )
2- الانسجام والتوافق بين القيادة الرسمية للاتحادات العمالية والقيادة الرسمية للشعب الفلسطيني
3- فقدان الثقة لدى أوساط واسعة من العمال بالنقابات والتعامل مع النقابات باعتبارها مؤسسات رسمية تابعة للسلطة
4- انفتاح العمل النقابي على العالم الخارجي دون محددات وضوابط وطنية او نقابية
( عدم وجود برامج متفق عليها بين القوى المتحالفة داخل الاتحادات العمالية )
5- دخول احد أطراف الحركة النقابية في اتفاق مع الهستدروت (منظمة العمال في إسرائيل) وما تبعه من تداعيات ومفاعيل على مستوى الخطاب السياسي والوطني للحركة النقابية الفلسطينية وتأثير الأموال التي تم الحصول عليها بموجب الاتفاق .
أن أوجه الأزمة التي تعانيها الحركة النقابية تكاد تكون شاملة وتطال كل عناصر ومقومات العمل النقابي الفاعل والمؤثر فهي :-
طبقيا - انتقلت قياداتها إلى مواقع البرجوازية الصغيرة من كبار الموظفين في السلطة
ديمقراطيا – عدم اعتماد آليات ديمقراطية لاختيار قياداتها عبر الانتخابات من القاعدة إلى القمة .
كفاحيا - اعتماد صيغة الصفقات في حل النزاعات العمالية مع أصحاب العمل وعدم اللجوء
لخوض معارك عمالية بالمعنى النقابي
جماهيريا - أصبح العمل النقابي محصورا في أعداد محدودة من النقابيين
مهنيا - العديد من قيادات العمل النقابي والنقابات لا ينتمون التي المهن التي يمثلونها
وطنيا - تراجع واضح في الخطاب السياسي للاتحاد العام لنقابات عمل فلسطين على وجه
التحديد :-
• تأييد عملية السلام التي انطلقت عام 93
• خارطة الطريق مرجعية عملية السلام والدولة الفلسطينية القابلة للحياة
• حصر الدعوة للمقاطعة في مقاطعة المستوطنات (وتجنب الدعوة لمقاطعة إسرائيل
كدولة احتلال)
• تجنب الدخول في مواجهات مع الهستدروت في المنابر والمؤتمرات النقابية
الدولية
إن واقع الاتحادات العمالية الرسمية بات يشير بشكل واضع إلى عدم قدرتها على تجاوز واقعها بحكم ارتباطاتها وطبيعة مكوناتها مما يستدعي القيام بما يلي :-
1 الاستفادة من التجارب النقابية التي نشأت بشكل مستقل عن الاتحادات العمالية ومنها
- اتحاد العاملين في وكالة الغوث
- اتحاد العملين في البلديات وهيئات الحكم المحلي
- اتحاد العاملين في الجامعات والمعاهد
وغيرها من النقابات التي تنشأ بشكل مستقل عن الأطر الرسمية للحركة النقابية
2- على القوى المنتمية لفكر الطبقة العاملة أن تحسم مواقفها من المشاركة والحضور في
الاتحادات العمالية الرسمية وفق الصيغ والآليات المتبعة والبحث عن صيغ جادة ومؤثرة
في واقع العمل النقابي الفلسطيني
3- الدعوة إلى بناء نقابات عمال مستقلة هي التي تحدد انتماءاتها وحضرها في الاتحادات
العمالية وفق آليات وصيغ تضمن المشاركة والتأثير
4- النضال من اجل استعادة الحركة النقابية لدورها الوطني والعمل على محاربة وعزل كل
من يحاول الهبوط بسقف خطابها الوطني
5- النضال من اجل إصدار قانون للتنظيم النقابي قائم على التعددية النقابية وحرية التنظيم
النقابي بعيدا عن صيغ الاحتكار التي من شانها أن تخدم أطراف وقوى محددة
6- النضال من اجل ضمان حق العمل والعمل على توفير الحماية من البطالة والفقر وفق
سياسات اجتماعية واضحة بعيدا عن الصيغ الاغاثية المعمول بها
7- النضال من اجل ضمان المشاركة السياسية للعمال في كافة التجمعات السياسية وتفعيل
دورهم بما يتناسب وعطاءهم الاقتصادي والاجتماعي والوطني
8- تعزيز وتطوير العلاقات مع القوى النقابية الفلسطينية في فلسطين المحتلة 1948
9- تعزيز وتطوير العلاقات مع القوى النقابية العربية والدولية وفق أسس وطنية ونقابية
واضحة تنسجم وتطلعات شعبنا وطبقتنا العاملة بالتحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية
المراجع
· الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
· جبهة العمل النقابي التقدمية /فلسطين
· الأوضاع والتحولات الاجتماعية في فلسطين " غازي الصوراني "
· دولة إسرائيل تدين بمليارات الشواقل للعمال فلسطينيّين
حنا زوهر - شير حيپر "عنوان للعامل" و"مركز المعلومات البديلة"
· من وثيقة حزب دعم: موقف الهستدروت من العمال العرب "داني بن سمحون"
· المركز الفلسطيني للإعلام
· وكالات أنباء متعددة